هذا الكتاب خرج فيه مصنفه أحاديث كتاب الهداية في الفقه الحنفي للمرغياني (ت 593هـ)، وقد لخصه الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتاب سماه: (الدراية في منتخب تخريج أحاديث الهداية)، وذكر فيه أن الزيلعي استوعب ما ذكر المصنف من الأحاديث والآثار، ثم ذكر أدلة المخالفين في كل باب، وأضاف أيضًا أنه: (كثير الإنصاف، يحكي ما وجده من غير اعتراض فكثر الإقبال عليه)، كما صنف عليه الحافظ قاسم بن قطلوبغا الحنفي (ت 879هـ) كتابًا سماه: (منية الألمعي فيما فات من تخريج أحاديث الهداية للزيلعي) ذكر فيه ما فات الزيلعي من أحاديث لم يخرجها.
جاء الكتاب مسبوقًا بمقدمة، حوت أمورًا، يجب علمها، وحقائق ثابتة، تجب معرفتها. وصُدّرت المقدمة بكلمة في تعريف "المجلس العلمي" - بالهند، ثم أُعقبت بمقالة حافلة في أهم مواضيع الفقه، والحديث، بما يرتاح له قلب العالم، ويبتهج له عقل الفقيه، بقلم نظار محقق، وبحاثة متبحر، واختتمها المحقق بكلمة في تصحيح الكتاب، وما لاقى فيه من كبد وعناء، وهو كتاب لا نظير له في استقصاء أحاديث الأحكام.والمؤلف لم يدع مطمعًا لباحث وراء بحثه وتنقيبه، بل استوفى في الأبواب ذكر ما يمكن لطوائف الفقهاء أن يتمسكوا به على اختلاف مذاهبهم، من أحاديث، قلما يهتدي إلى جميع مصادرها أهل طبقته، ومن بعده من محدثي الطوائف، إلا من أجهد نفسه إجهاده، وسعى سعيه لوجود كثير منها في غير مظانها، بل قلَّ من ينصف إنصافه، فيدون أدلة الخصوم تدوينه، غير مقتصر على أحاديث طائفة دون طائفة، مع بيان ما لها وما عليها، بغاية النصفة.
جمع المؤلف في هذا الكتاب جملة وافرة من الأحاديث المتواترة ورتبه ترتيبًا موضوعيًا، مردفًا كل حديث بما يثبت تواتره من تعدد رواته، ومقرونًا بحكم العلماء عليه، وترجع أهمية الكتاب إلى ضمه لكثير من الأحاديث المتواترة، التي أوجب العلماء العمل بها.